فصل: تكلف واصطناع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والخلاصة:
أنهم يريدون أن يتحقق للمرأة الاستقلالية الكاملة وهي لا تتحقق إلا إذا تمسكت بالوسائل الآتية:
1- أن تحصل المرأة على الأمن الاقتصادي والبدني وإن فرضت عملية الزوجية- واللفظ لهم- طاعة الزوج تستطيع أن تتحول بشكل غير مباشر إلى باردة عاطفيًا.
2- أن تحصل كذلك على الأمن الاجتماعي المرأة غير آمنة كلية من الناحية الاجتماعية ويصل الأمر إلى أنها لا تستطيع أن ترتاد وحدها بعض الأماكن وتتصرف بحرية كاملة كالرجل.
3- أن تخرج من استغلالية الرجل بتوفير العمل لها في كل الميادين العملية مع ضمان أن لا يكون الرجل هو المتحكم في الدخل أو الأجر الذي تتقاضاه المرأة وبذلك تخرج من وضعها المقهور أو المكبوت.
4- قيام حركة نسائية موجهة ضد الرجل المطلق ويكون هو المقصود بها فعلًا.
5- أن تحرير المرأة يحتاج إلى القضاء على النظام الطبقي كما يحتاج إلى تغيير النظام الأبوي في الأسرة ويحتاج إلى قوانين مدنية عادلة- لا شرعية- تسوي بين المواطنين- فالمرأة يجب أن تسمى مواطنًا لا امرأة- وإلى قوانين علمانية لا دينية مدنية تطبق في الأسرة.
والأمر الذي يجدر ملاحظته أن حركة المرأة سارت منذ البداية مع حركة التغيير الاجتماعي في ظروفه المختلفة سواء جنحت به هذه الظروف نحو الغرب أو نحو الشرق ففي حركة المرأة الأولى التي بدأت من منتدى الأميرة نازلي فاضل بريادة الشيخ محمد عبده وانتهاء بإضراب النساء عن تناول الطعام سنة 1954 كانت حركة المرأة تواكب حركة التغيير في كل الميادين في مصر في ميلها نحو الغرب وانجذابها له وعندما اتجهت وجهة المجتمع في بداية الستينات إلى اعتناق الاشتراكية اتجهت معها الحركة النسائية إلى وجهتها وبدأت تظهر قيادات نسائية تؤمن بالثقافة الاشتراكية وتعتنقها وتبرز دور المرأة المشارك لعملية الإنتاج وتقييم المرأة على أنها كم اقتصادي على أن المرأة في كل من المرحلتين كانت تابعة للرجل فهو الذي يحرضها على أن تطلب ثم يمنح فهو المانح دائمًا بينما اقتصر دورها على قبول هذا المنح غير أن الرجل في الحالة الأولى- حالة الاتجاه التغريبي- حافظ للمرأة على شخصيتها الاعتبارية فبدت للعيان- على أقل تقدير- أنها هي التي كافحت من أجل ما تسميه حقوقها التي حصلت عليها بينما اختلفت الأمور في الحالة الثانية- حالة التطبيق الاشتراكي- فقد عمل الرجل على إذابتها في الجماعة فهو الذي أشار عليها أن تقبل منحه وأرغمها على ألا ترفضه فهو الذي فرض عليها أن تكون عضوًا في المجالس النيابية والمحلية وهو الذي فرض عليها أن تكون وزيرة وسفيرة وشاغلة لمناصب الرجال دون أن يعطيها فرصة إبداء رأيها أو معرفة رأيها الحقيقي فيما آلت إليه حياتها. اهـ.

.تكلف واصطناع:

ومن يتأمل حال القوم يدرك أن اعتراضاتهم على الشرائع الإسلامية تأتي لمجرد الاعتراض فهذه المطالب التي تلهث المتحررات وراءها لمجرد إسماع الناس أصواتهن وهذه المنازعات الوهمية بين الرجل والمرأة كل هذه مشاكل مصطنعة وأزمات مختلقة فهم يخالفون لمجرد المخالفة لا لحاجة أوجبت هذا الاختلاف والمرأة لا توضع حيث تدعو الحاجة- صحيحة كانت أو مزعومة- إلى أن توضع ولكنها توضع لمجرد إثبات وجودها في كل مكان ولإقحامها على كل ما كان العقل والعرف ينادي بعدم صلاحيتها له فلم يكن المقصود بتوظيفها مثلًا في تلك الأيام سد حاجة موجودة ولكن كان المقصود هو مخالفة عرف راسخ وتحطيم قاعدة قائمة مقررة وإقامة عرف جديد في الدين وفي الأخلاق وفي الذوق وابتداع المبررات التي تجعل انسلاخنا من ديننا أمر واقع وتجعل دخولنا في دين الغرب ومذاهبه وفسقه أمر واقع كذلك.
وقصة دعاة التحرير هنا في مصر وغيرها تشبه قصة ذلك الرجل الذي قدم إلى أبرز ساحة في العاصمة فملأ وسطها بالأنقاض ثم جاء بسارية رفع عليها مصباح أحمر وجعل الناس ينظرون بدهشة إلى عمله.
وسأله بعضهم: ماذا تريد بهذا المصباح؟ فأجاب: تنبيه الناس إلى الخطر لكي لا يصطدموا بالأنقاض فلما سألوه: ولما جئت بهذه الأنقاض أجاب: لكي أرفع هذا المصباح.
وإذا أردنا أن نشرح دور السياسة في معركة الحجاب في مصر فلا شك يقفز إلى أذهاننا الدور الذي لعبه صديق إسرائيل وخادم أمريكا وحليف الشيطان الذي تهكم بالحجاب علنًا ووصفه بأنه خيمة وجرائم هذا المخلوق في حق الإسلام ثم في حق وطنه كثيرة لا تكاد تخفى على أحد وقد ختم حياته النضالية ضد أمة محمد بتلك الإجراءات التعسفية والحرب المسعورة ضد المحجبات عمومًا والمنقبات خصوصًا فكان رجاله يتعرضون للمنقبات في الطرقات وكانت صحفه نارًا تصب حميمها على المنقبات وفرض عليهن الخيار بين السفور وبين الفصل من وظائفهن ولم تنج النساء من حملة الاعتقالات الواسعة التي عمت البلاد واصطف جنود الشرطة البواسل صامدين رابضين كالأسود على بوابات الجامعة ودور التعليم للتصدي لأي طالبة منقبة تسول لها نفسها دخول الجامعة بهذا النقاب الساتر وذلك الجلباب السابغ الذي وصفه بأنه خيمة:
فرعون حقير يرقد الآن في مزبلة التاريخ وحسابه على الله.
وقد أقيمت الصلوات اليهودية في ميادين تل أبيب على ضوء الشموع حزنًا على موته وحضر ثلاثة من رؤساء أمريكا قداسًا جنائزيًا بالكنيسة على روحه.. لقد كان مصرًا على أن يدخل التاريخ وقد دخله.. ولكن من نفس الباب الذي دخل منه إبليس وفرعون وقارون ومضى إلى ربه بعد أن صفى كل عداواته إلا عداوته لأمته.
بل هذه زوجة هذا الفرعون تدلي قبل أن تدور عليها دائرة السوء وهي في قمة غرورها- ولا أقول مجدها- بحديث إلى مجلة ماري كلير الفرنسية المتخصصة في شئون المرأة حول ما يتعلق بالمرأة الشرقية من عرف وتقاليد متوارثة كالحجاب وختان الفتيات وجريمة الزنا وذلك خلال أربعة أسئلة وجهتها الصحافية الفرنسية كاتي برين التي زارت مصر أخيرًا لإجراء هذا الحوار وكان السؤال الأول:
انتشرت عادة الحجاب بين الفتيات في مصر فما رأي السيدة جيهان السادات في تلك الظاهرة؟ فأجابت: أنني ضد الحجاب لأن البنات المحجبات يخفن الأطفال بمنظرهن الشاذ وقد قررت بصفتي مدرسة بالجامعة أن أطرد أي طالبة محجبة في محاضرتي فسوف آخذها من يدها وأقول لها: مكانك الخارج وفي نظري فإن المسئولية تقع على عاتق أساتذة الجامعات فهم سبب في انتشار هذه الظاهرة فإذا قام أستاذ بطرد فتاة واحدة من محاضراته مرة واثنين فسوف تقلع الفتيات عن ارتداء الحجاب.
وتستطرد قائلة: إن التحجب ليس بالشكل وبارتداء الأقنعة فالإسلام لم يدع إلى ارتداء الحجاب إنما تلك مسائل تفصيلية بعيدة عن جوهر الإسلام وعن مبادئه الأساسية ثم تذكر في نهاية الحوار أنها تعمل ليل نهار حتى تحقق للمرأة المصرية بعض حقوقها وأن أبرز ما أنجزته هو صدور قانون الأحوال الشخصية الجديد ثم ذكرت أنها دائمًا تعاكس زوجها في طلباتها للمرأة ولكنه يجيب بقوله: إن هذه ليست هي اللحظة المناسبة وتقول: ولكنني أعاود وألح عليه في طلباتي من أجل المرأة.
ويتضح من هذا الحديث أن ظاهرة عودة الحجاب كانت قد أخذت في الانتشار السريع وكادت تفرض نفسها كواقع يكشف الحقيقة للمخدوعين والمخادعين على السواء لولا أن الأكابر بدءوا يبيتون وأد هذه العودة قبل أن يفلت الزمام فبدأت الدوائر السياسية والصحافية تمهد للحملة المجنونة التي توجتها السلطة بمذبحة سبتمبر 1981م ومن هذه الإرهاصات المقالة التالية:

.الغزالي حرب وحربه ضد الحجاب:

الغزالي حرب مفتش أول اللغة العربية بشمال القاهرة إنسان أقلقه كثيرًا مظهر الحجاب الإسلامي وشيوعه وسط الفتيات يومًا بعد يوم فشهر قلمه ليدلي بدلوه مع إخوانه من دعاة السفور فنشر في الأهرام أكثر من مقال يهاجم فيه الحجاب ويحرض فيه الأكابر على تشريع جديد يصفه بأنه قرار حاسم يحقق التوازن والاعتدال في أزياء الطالبات والمدرسات بين التفريط والإفراط وبين الانغلاق والانضباط ويفتتح إحدى مقالاته بقوله: منذ بضعة أيام اتصل بي تليفونيًا الشيخ الدكتور عبد المنعم النمر ليحدثني عن بعض الطالبات في إحدى المدارس الأجنبية الثانوية ممن يحرصن على ارتداء ما يسمينه الزي الإسلامي أو الزي الشرعي ولقد اتفقنا في هذا الحوار التليفوني على أن تغطية الوجه بالنقاب أو البرقع للطالبات تطرف لا يقره الشرع الإسلامي ولا ترتاح إليه اللوائح والتعليمات المدرسية أو الجامعية وما هو إلا شذوذ مظهري مريب.
ثم يقول: فهذا الزي المبرقع أو المنقب ليس إلا زيًا من صميم الأزياء الجاهلية البائدة التي عفى عليها الزمان ولم يعد لها اليوم مكان إلا في بعض البلاد المتخلفة أو النامية ولن يبقى فيها طويلًا أمام التطور الوثاب الذي يؤكد ما قاله داعية تحرير المرأة الأول في مصر والشرق العربي قاسم أمين من أن هذا الزي الشاذ يمثل دورًا من الأدوار التاريخية لحياة المرأة في العالم ومن العبث الذي لا طائل من ورائه أن تتشبث بعض المدرسات أو الطالبات متمسحات في ذلك بالإسلام الذي يدعو المرأة- ولا شك- إلى الاحتشام المنضبط الذي يقره العرف القويم والذوق السليم لا إلى الاحتشام المنغلق المثير للشبهات ولاسيما شبهة محاولة إخفاء الشخصية.
ثم يستطرد قائلًا ما أروع الحديث النبوي الشريف القائل: ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ- طلب البراءة والسلامة- لدينه وعرضه وخاصة في ظروفنا الحاضرة التي تمس فيها الحاجة دائمًا إلى التحقق من كل طالب وطالبة حرصًا على استتباب الأمن والنظام وسيادة الأمن العام وحرام- والله- أن نضيع مثقال ذرة من الوقت الغالي الثمين بلابسات البراقع والجدل حولهن باسم الإسلام الذي يقول بلسان الرسول عليه الصلاة والسلام: «ما غضب الله على قوم إلا ابتلاهم بالجدل وصرفهم عن العمل».
حرام والله- أن تشغلنا هذه الظاهرة المرضية عن النصح لكريماتنا وأخوتنا المنتقبات أن يكن في أزيائهن منضبطات متفتحات لا منغلقات أو مبرقعات وأن يذكرن- والذكرى تنفع المؤمنين والمؤمنات- أنه عندما نهض قاسم أمين بدعوته المتحررة باركها باسم الإسلام أستاذنا الإمام محمد عبده حاربه الجامدون والمتنطعون داعين النساء إلى ارتداء النقاب والبرقع اتقاء للفتنة فانتهزت ملاهي أوربا هذه الفرصة وأخذت تعرض رقصة أسمتها رقصة برقع الإسلام وهكذا التقى جد الرجعيين وهزل العابثين في اتهام الإسلام بأنه دين البراقع.
ثم يذكر معنى الحجاب في الإسلام في نظره فيقول: وما هو إلا دين الاحتشام المعتدل المشرق بأنوار العفة والفضيلة والحياء وفي ضوئها وهداها التقى الجنسان على سواء معتصمين بحجاب الوازع الخلقي والضمير الحي.
إلى أن يبتهل داعيًا المولى عز وجل في نهاية مقاله قائلًا: واللهم أبعد عن مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا وطرقاتنا وسائر مجالاتنا شبح الجمود والممات وشبح الظواهر المرضية المثيرة للفتن والخلافات والانقسامات. انتهى.
ولا يقل عنه تحاملًا الصحافية منى رمضان التي كتبت مقالًا في مجلة أكتوبر تحت عنوان طبيبات ولكن محجبات تبدؤها بقولها:
عاد الحجاب مرة أخرى كظاهرة على وجوه الفتيات والسيدات في مصر وهذه ليست آخر صيحة في عالم الموضة كما قد يتبادر إلى الذهن ولكنه نوع من الحشمة وإحياء التقاليد الإسلامية التي تطلب من النساء أن يدنين عليهن من جلابيبهن.
وتحت صورة التقطت لمحجبتين تكتب قائلة:
النقاب الذي ترتديه فتاة الجامعة يقربها إلى الرهبانية ولا رهبنة في الإسلام لكنها حرصت على أن تنشر ثلاث صور إحداها على غلاف المجلة لفتاتين سافرتين ترتديان الحجاب النصفي أو الحجاب العصري الضيق المزين والثانية لثلاث فتيات سافرات ولكن في عرفهن محجبات يرتدين ثيابًا لا يقرهن عليها مسلم عالم وقد علقت مسرورة بثيابهن قائلة:
الحشمة الغير مبالغ فيها مطلوبة داخل الجامعات المصرية بدلًا من التقليعات الدخيلة علينا.
والثالثة لفتاة متزينة بالحجاب العصري الفتان وقد علقت الصحافية تحتها:
هكذا تكون الفتاة الجامعية: علم وإيمان.
تقول الكاتبة الحائرة القلقة: والحشمة هنا نابعة من داخل المرأة وعلى أساسها فصَّلت هذه الثياب وفضلت أن تخرج بها إلى الشارع وإلى الجامعة.. وقد تكون هذه الظاهرة عودة إلى عصر الحريم لا ينقصها إلا قاسم أمين جديد ليطلق صرخته مرة.
فالهدف إذًا من التعبير عن الأحكام الشرعية ب التقاليد واضح وهو جعلها عرضة للتغيير والتبديل بحجة أن تقاليد عصر الصحراء لن تناسب عصر الفضاء {كبرت كلمة تخرج من أفواههم} [الكهف: 5].
انظر: مهلًا يا صاحبة القوارير ص (10- 11).